
الضغط الأمريكي على مصر والأردن خلال عهد ترامب: الأسباب والتداعيات
شهدت السياسة الخارجية الأمريكية خلال رئاسة دونالد ترامب (2017–2021) تحولات كبيرة تجاه الشرق الأوسط، مع تركيز على تعزيز المصالح الأمريكية عبر الضغط السياسي والاقتصادي. كانت مصر والأردن من بين الدول التي واجهت ضغوطًا متعددة لأسباب مرتبطة بالاستراتيجية الإقليمية لواشنطن، والمصالح الأمنية، والرهانات السياسية الداخلية. فيما يلي تحليل لأبرز أسباب هذا الضغط:
1. التعاون الأمني ومكافحة الإرهاب
ركزت إدارة ترامب على مكافحة الجماعات المتطرفة مثل تنظيم “داعش” في سيناء وغيرها، مما جعل مصر حليفًا استراتيجيًا في تأمين المنطقة.
طالبت واشنطن القاهرة بتكثيف عملياتها العسكرية في سيناء وفرضت شروطًا على المساعدات العسكرية السنوية (1.3 مليار دولار)، خاصة فيما يتعلق بحقوق الإنسان.
بالنسبة للأردن، الذي يتلقى مساعدات أمريكية كبيرة (نحو 1.5 مليار دولار سنويًا)، وُجهت إليه مطالبات بتعزيز مراقبة الحدود مع سوريا والعراق لمنع تسلل العناصر المتطرفة، إضافةً إلى تعزيز دوره في التحالفات الدولية ضد الإرهاب.
2. التسوية الفلسطينية-الإسرائيلية و”صفقة القرن”
سعت إدارة ترامب إلى فرض رؤيتها لتسوية الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي عبر “صفقة القرن”، التي تضمنت الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وضم أجزاء من الضفة الغربية.
. الأردن: نظرًا لدوره كـ”وصي” على المقدسات الإسلامية في القدس ووجود جالية فلسطينية كبيرة فيه، تعرض لضغوط أمريكية لقبول بنود الصفقة أو التخفيف من معارضتها، تحت تهديد بتقليص المساعدات.
. مصر: طُلب منها استخدام نفوذها مع حركة “حماس” في غزة لتسهيل التفاوض ودفع السلطة الفلسطينية نحو قبول المبادئ الأمريكية.
3. مواجهة إيران وبناء التحالفات الإقليمية
اعتمدت إدارة ترامب سياسة مواجهة مباشرة مع إيران، وسعت إلى بناء تحالف عربي تقوده السعودية وإسرائيل. في هذا الإطار:
طُلب من مصر تقليل تعاونها الاقتصادي مع إيران.
وُجهت ضغوط للأردن لتقييد علاقاته التجارية مع سوريا (الحليفة لإيران) وزيادة التعاون الاستخباراتي مع إسرائيل.
4. استخدام المساعدات الاقتصادية كأداة ضغط
استُخدمت المساعدات المالية كأداة لتحقيق الأهداف الأمريكية.
في 2017، جمدت واشنطن جزءًا من المساعدات العسكرية لمصر بسبب انتقادات لحقوق الإنسان،
قبل استعادتها لاحقًا بعد تعهدات مصرية بتحسين التعاون الأمني.
تعرض الأردن لضغوط مماثلة عندما أبدى تحفظًا على سياسات ترامب الفلسطينية،
ما دفعه إلى توازن دقيق بين الحفاظ على الدعم الأمريكي وعدم استفزاز الرأي العام المحلي.
5. رهانات ترامب السياسية الداخلية
لم تكن الضغوط مفصولة عن حسابات ترامب الداخلية، حيث سعى إلى:
تسويق نفسه كمدافع عن مصالح إسرائيل، مما تطلب ضغطًا على الحلفاء العرب لتطبيع العلاقات معها، كما حدث في “اتفاقيات إبراهيم” (2020).
استرضاء اللوبي المؤيد لإسرائيل في الكونغرس، الذي يرى في مصر والأردن طرفين محوريين لأي تسوية.
الخلاصة: توازنات هشة ونتائج محدودة
رغم الضغوط الأمريكية، حافظت مصر والأردن على مواقف متوازنة تراعي مصالحهما الوطنية. فعلى سبيل المثال، رفض الأردن أي مساس بوضعه كوصي على القدس، بينما أبدت مصر تحفظًا غير معلن على “صفقة القرن”. كما أن الاعتماد المتبادل بين هذه الدول والولايات المتحدة جعل واشنطن تتراجع أحيانًا عن شروطها الصارمة.
يعكس الضغط الأمريكي خلال عهد ترامب رؤية استراتيجية قصيرة المدى، لم تراعِ التعقيدات السياسية والاجتماعية للمنطقة، مما قلل من تأثيرها الفعلي على سياسات حلفائها.